-A +A
هناك صوت تسمعه ويعرفه من هو في الحرم المكي الشريف، ذاك الصوت الجميل، الذي يصدره الشبان وهم يدفعون عربات المعتمرين، بين الصفا والمروة، هذه الخدمة التي يقدمها هؤلاء الشباب بدأت منذ عهد بعيد، ولم تكن مشروطة بأجر وإنما انتظار من المستفيد من الخدمة تقديراً للجهد الذي يبذله هؤلاء الشباب، إذ لا يستطيع من ليس في سنهم تحمل مشقة التنقل بين الصفا والمروة، ولم تكن أعداد المستفيدين من الخدمة بالقدر الذي نراه اليوم ولله الحمد وبه العزة والمنة، فبعض هؤلاء الشباب تجدهم قد ربطوا أقدامهم بضمادات مطاطية، وبعضهم قد تفلجت أقدامهم لطول المشي، وتصبب عرقهم وبان إجهادهم، رغم ذلك تجدهم يواصلون مشيهم دون شكوى وتأفف، أولئك الشبان كانوا من أجمل لوحات الرحمة والعطاء بين البشر، تجسدت بين كلمة (الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد) يذكرك بها بعد كل شوط، مما دعا إلى تنظيم هذه العملية بوضع مسار للعربات وإصدار رخص لمن يؤدي هذه الخدمة الإنسانية، وقد نشهد مستقبلا وسائل أخرى متطورة تعتمد على الخدمة الذاتية.
وعند ادائي للعمرة قبل أيام، انشغلت عن نفسي بمراقبتهم، كيف يتحدثون للمعتمرين بلطف ومحبة، وحنو كبير، وأمانة، حتى إن أحدهم عرض علي دفعي بعربته واعتذرت لأنني لا أملك المال الكافي فقال: (يا أمي مو مشكلة أرسليها بعدين ولا بطاقة شحن لجوالي واذا جاء أمر الله مسامحة) سألته فوراً عن اسمه قبل أن أشكر عرضه الانساني السخي.

فأجاب: (أحمد عربية الحرم) هكذا عرف بنفسه وبشرف يعلو هامته، من هنا أشكره وأشكر جميع الشبان الشرفاء الذين خدموا بيت الله بنفس طيبة وابتسامة عريضة.
وممتنة لـ(أحمد عربية الحرم) على هذا الانطباع الجميل والأثر النفسي العظيم.
مها النهدي ـ كاتبة